الأربعاء، 5 يونيو 2013

بعد دخول القانون رقم 06 .27 حيز التنفيذ

بعد دخول القانون رقم 06 .27 حيز التنفيذ شركات الحراسة ونقل الأموال أمام سؤال التأهيل الصعب


(إعداد عبد الهادي بنشرقي)

الرباط 21 شتنبر 2012 /ومع/ إذا كان قرار وزارة الداخلية القاضي بضرورة تصريح المقاولات والمؤسسات التي تمارس أعمال الحراسة ونقل الأموال بوجودها قبل 22 من الشهر الجاري٬ إيذانا بدخول أحكام القانون المنظم لهذه المهنة حيز التنفيذ٬ يشكل محطة رئيسية في اتجاه تأهيل وعصرنة هذا القطاع٬ فإن شريحة واسعة من المهنيين تعتبر أن تفعيل هذا القانون يطرح تساؤلات ويثير مخاوف بشأن مستقبلها أكثر مما يوفر حلولا للصعوبات التي تعاني منها بعض هذه الشركات.

ويهدف القانون رقم 06 .27 حول أعمال الحراسة ونقل الاموال٬ بالأساس٬ إلى عصرنة قطاع الحراسة ونقل الأموال ومواكبة هذا القطاع الذي عرف تطورا مهما خلال السنوات الأخيرة بفعل تزايد الطلب على الخدمات الأمنية المقدمة من طرف الخواص.

وحسب معطيات لوزارة الداخلية فقد أعطى المشرع آجالا كافية للمشرفين على شركات الحراسة ونقل الأموال من أجل الامتثال لمقتضيات هذا القانون الذي نشر في الجريدة الرسمية منذ سنة 2007٬ ويضمن لهذه الشركات أيضا الاستعانة بأشخاص ذوي كفاءة عالية ويتوفرون على تكوين جيد.

وقد قامت وزارات الداخلية والتشغيل والتكوين المهني ووزارة التجهيز والنقل٬ باتخاذ كافة التدابير لضمان تطبيق هذا القانون٬ كما قام الولاة والعمال بعقد اجتماعات مع مسؤولي الشركات التي تزاول أعمال الحراسة ونقل الأموال لتحسيسهم بالمقتضيات القانونية الجديدة وبسط مسطرة التصريح أو طلب الإذن لدى السلطات المحلية.

وقد لمست السلطات المحلية لدى أغلب الشركات العاملة٬ حسب ذات المعطيات٬ رغبة في تطبيق بنود القانون حيث بادرت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والمتعلقة بالتصريح بوجودها لدى السلطات المحلية.

غير أن هذه المقاربة التشاركية لم تبدد مخاوف مهنيي القطاع الذين أكدوا٬ في تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن مقتضيات هذا القانون تهدد مآل العديد من الشركات٬ وستكون لها تداعيات سلبية على جودة الخدمة٬ وكذا على أوضاع الشغيلة.

وفي هذا الصدد٬ اعتبر حسن الزاهري٬ رئيس جمعية الحراسة الخاصة والنظافة والبستنة بالمغرب٬ التي يوجد مقرها بسلا٬ أن السلطات المعنية "لم تعمد إلى فتح حوار جاد مع مختلف مهنيي القطاع قبل أجرأة مقتضياته قصد الوقوف على الوضعية المزرية التي تعيشها هذه المقاولات".

ودعا بالمناسبة السلطات المختصة إلى إعادة النظر في بعض بنود هذا القانون٬ ولاسيما تلك المتعلقة بالحصول على الترخيص المسبق من قبل السلطات المختصة وسحب الإذن مع تعويض العمال والأهلية المهنية٬ بالإضافة إلى التخفيف من العقوبات الزجرية التي تتراوح ما بين 2000 و50 ألف درهم٬ والعقوبات السالبة للحرية بالنسبة للشركات المختصة في نقل الأموال.

وبخصوص ضرورة قيام الشركات غير المهيكلة التي تعمل في ميدان الحراسة ونقل الأموال أو التي تجمع بين عدة مهام٬ كالحراسة والنظافة والبستنة بتسوية وضعيتها القانونية والتفريق بين أنشطتها٬ سجل السيد الزاهري أن تطبيق هذا الإجراء يستلزم بالضرورة تغيير الاسم القانوني لهذه الشركات٬ مع ما سيترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية ستطال حتما رقم معاملاتها ومواردها البشرية٬ بالإضافة إلى حصتها في سوق الصفقات.

وتساءل السيد الزاهري عن مصير مئات من مثل هذه الشركات التي تجمع بين أكثر من نشاط وعن الصفقات التي أبرمتها سابقا مع إدارات ومقاولات من القطاعين العمومي والخاص٬ وعن مآل المستخدمين من غير ذوي الأهلية المهنية٬ الذين صاروا بمقتضى القانون الجديد غير مؤهلين لمزاولة الحراسة الخاصة.

في هذا السياق٬ دعا رئيس هذه الجمعية٬ التي تضم في عضويتها أزيد من 125 شركة متخصصة في الأمن الخاص والنظافة والبستنة٬ إلى ضرورة إقرار "مرحلة انتقالية" قبل تفعيل هذا التصريح وأن لا يكون ذلك بأثر رجعي٬ حفاظا على مكتسبات هذه المقاولات التي توفر آلاف فرص الشغل.

واعتبر٬ من جهة أخرى٬ أن الشركات الكبرى التي تعد على رؤوس الأصابع تبقى هي المستفيد الأول من دخول هذا القانون حيز التطبيق٬ بالنظر إلى "حجم نفوذها وهيمنتها على الصفقات الكبيرة"٬ وكذا لكون العديد من الشركات الصغرى والمتوسطة التي لا تتوفر على الموارد البشرية والمادية اللازمة ولا تستجيب لبعض الضوابط القانونية ستكون مجبرة على وقف أو تغيير نشاطها في ظل هذا القانون.

وفي هذا السياق٬ أكد السيد الزاهري أن جمعيته ستقوم بتقديم ملتمس إلى رئيس الحكومة ووزير الداخلية ليتم إدخال بعض التعديلات على القانون الجديد ولكي يتم استثناء الشركات التي أبرمت صفقات قبل التاريخ 22 شتنبر٬ معللا ذلك بكون القانون لا يطبق بأثر رجعي.

وبحسب مسيري عدد من شركات الأمن الخاص المنضوية تحت لواء جمعية الحراسة الخاصة والنظافة والبستنة بالمغرب٬ فإن الفوضى التي يعرفها القطاع أفرزت منتوجا ضعيفا لا يحترم أدنى المواصفات٬ مبرزين أن حيزا مهما من المسؤولية يقع على عاتق زبناء هذه الشركات من مؤسسات عمومية وشبه عمومية ومقاولات خاصة يبرمون صفقات وفق قاعدة أدنى عرض.

وفي ظل هذه الوضعية٬ يترقب مسؤولو هذه الشركات٬ التي تشير إحصائيات غير رسمية إلى أن عدد العاملين بها يفوق أربعين ألفا٬ موزعين على أزيد من 4000 شركة٬ بقلق كبير الكيفية التي ستتعامل معهم السلطات المختصة بعد دخول هذا القانون حيز التطبيق ابتداء من يوم غد السبت٬ وهاجسهم الأول هو أن لا يكون تطبيقه إيذانا بمرحلة جديدة من الصعوبات والعقوبات الزجرية قد تعصف بمستقبلهم المهني.

 (إعداد عبد الهادي بنشرقي)

الثلاثاء، 4 يونيو 2013

حارس الأمن الخاص بالمغرب: مجبر لا بطل

نادية عماري   
الأحد : 20 يناير/كانون2 2013 - 16:36


من النادر أن تمر في شوارع المدن المغربية دون أن تقع عينك على حارس أمن خاص، بزيه الرسمي المختوم باسم الشركة المشغلة وهاتفها، تراه واقفا بمداخل البنوك، المستشفيات، الشركات، الفنادق، وغيرها من المصالح المختلفة الأخرى، للتواصل مع الوافدين وحراسة المؤسسة التي يعمل لصالحها.

هذه المهنة الجديدة نسبيا على مجتمعنا المغربي والتي أحدثت لدواع أمنية، بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء في ربيع 2003 ، أصبح يفوق عدد العاملين بها 40.000 شخص. عدد يترجم إقبال فئة عريضة من الراغبين في العمل بهذا الميدان، خاصة في صفوف الشباب بغية توفير لقمة العيش.

"اللهم لعماش ولا بلاش"
رشيد، يحرس إحدى المؤسسات التعليمية منذ خمس سنوات، بعد دراسته لسنتين بالجامعة قرر البحث عن عمل يكفل له الاستقلالية المادية، إلا أن محاولاته المتكررة في إيجاد فرصة عمل مناسبة باءت جميعها بالفشل. لم يجد بدا في نهاية المطاف من امتهان حراسة الأمن الخاص لأنها الوحيدة المتاحة، مقابل 1800 درهم، راتب لا يصل لمستوى الحد الأدنى للأجور لا يكفيه حتى لتغطية نفقاته الخاصة. يقول رشيد" بالنسبة للشركة التي أعمل لها، ما أتقاضاه يمثل السميك، الحمد لله أنهم سجلونا في الضمان الاجتماعي".

يتحدث عن زملاء له في نفس المهنة مقبلون على التخرج بعد ثلاثة أشهر والحصول على درجة الدكتوراه، ورغم مستواهم الجامعي العالي اتجهوا لهذا الحل الترقيعي، كي لا يظلوا عالة على أسرهم وأقربائهم.
عن كيفية قبوله لمهنة حارس أمن، يضيف" طريقة الاختيار تتفاوت من شركة حراسة خاصة لأخرى، فبالنسبة للتي أشتغل لحسابها مثلا تشترط طول القامة، تعدد اللغات، بالإضافة للمستوى الدراسي، لكن هذا لا يمنع عدم وجود شروط مماثلة للعمل في مؤسسات ثانية، حيث نجد رجالا متوسطي القامة، مستواهم لا يتعدى الإعدادي يعملون كحراس".


كثرة هاته الشركات بالمغرب والتي يفوق عددها 500 شركة، ساهم في تقاطر العديد من الشباب عليها. شباب لم يعد يمني نفسه الحصول على منصب يوافق الشهادات المحصل عليها، فهو يرضى بأقل شيء متوفر هربا من نظرات وأسئلة المحيطين، والتي في غالب الأحيان تعكس شفقة وتحسرا كبيرين على وضعيته.

عبد الله، شاب جامعي ليس أسعد حظا من سابقه. بعد رحلة الكد والجد في الدراسة، ساقته الظروف لأحد المستشفيات. يقول" لو علمت أنني سألاقي هذا المصير لما أفنيت زهرة شبابي في التحصيل العلمي. أشتغل الآن دون ضمان اجتماعي ولا تأمين صحي، عملي يحتم علي المراقبة وضبط حالات العنف التي قد تصدر من بعض الناس".

معاناة حارس الأمن الخاص يتجرعها لوحده على مضض دون الإفصاح جهرا، فهو لا يستطيع التظاهر أو الاحتجاج للمطالبة بحقه، لأن ردة فعل صاحب العمل ستكون بالطرد إن لم يكن الرد بطريقة أخرى، كما حصل لعمال إحدى شركات الأمن الخاص قبل مدة، حيث تعرضوا للتعنيف من قبل مشغلتهم التي عمدت لدهسهم بسيارتها أثناء تجمهرهم للمطالبة بأداء رواتبهم المتأخرة.

تذمر وشكوى دون مبرر
الأوضاع المزرية التي يشكو منها حراس الأمن الخاص بالمغرب قد لا تنطبق على جميع العاملين بها، ذلك راجع للأقدمية، تفاوت الأماكن التي تسند فيها الحراسة لهؤلاء الأشخاص، وكذا ظروف عمل شركات الأمن التي تختلف طريقة تسييرها ومدى احترامها لحقوق مستخدميها، كما أن أصحاب الشهادات العليا قد يحسون بحيف كبير أكثر من غيرهم.

محمد، 37 سنة، راض عن عمله، يتساءل لماذا كل هذه الشكوى والتذمر من قبل العاملين. فبالنسبة له قوانين العمل تحترم بدون أي خروقات، يؤكد" الشركة ديالنا دايرة معانا نظام مزيان، فالراتب يبدأ من 1800 درهم ومع مرور السنين وحصول العامل على الأقدمية، تتحسن الأوضاع حيث يتقاضى 2000 د بعد سنة، ويرتفع راتبه عندما يقبل على الزواج. كنظن اللي كايتشكى ماغاديش يخدم".

عزيز هو الآخر يبدو راضيا رغم علامات التعب التي ترتسم على وجهه وهو الذي يعمل 12 ساعة متواصلة، يقول متثائبا" توفر لنا الشركة كل الضمانات لكن الراتب الشهري قطعا لن يكفيني خاصة عندما أقدم على خطوة الزواج، لذلك أفكر في البحث عن فتاة تساعدني في المصاريف وتتقاسم معي أعباء الحياة الزوجية، لكن هذا لا يمنع أنني أبحث حاليا عن عمل آخر كبديل".

كلا الطرفين ضحية: صاحب الشركة وحارس الأمن
النقاط التي يتذمر منها حراس الأمن الخاص لها ما يبررها حسب مصطفى رشدي، مدير شركة فريدة النقاوة أشغال وخدمات وعضو جمعية أرباب شركات الأمن الخاص بالمغرب، الذي يعتبر أن العمال وكذا أرباب الشركات ضحايا، يقول" بالنسبة لساعات العمل الأمور واضحة، مهنة الحراسة معْطية ليها 12 ساعة، لأن الحارس ماشي خدام بالبالة و لفاس كي يعمل ل8 ساعات، كما أن CPS (العقد الذي تضعه أي وزارة) ينص على 12 ساعة، الشخص يداوم من 7 صباحا إلى 7 مساء والعكس صحيح. أما الراتب الشهري فهو مسألة تفوق طاقة صاحب الشركة، إذا قمنا بعملية حسابية وجمعنا السميك، التضامن الاجتماعي، والتأمين نجد أن المبلغ الذي يصرف على العامل الواحد يصل إلى 3100 درهم".

لم يعد سوق تشغيل هذه الفئة من المهنيين مقتصرا على الشباب المجازين وغيرهم، بل شمل أيضا رجال الدرك، الشرطة والجنود المتقاعدين الذين تعتمدهم شركات الأمن بالنظر للتجربة المهنية والخبرة التي راكموها طوال فترة عملهم، وبالتالي فعملية تكوينهم كحراس أمن ليست ضرورية، يضيف مصطفى رشدي" نختار عاملينا من الشباب حسب مستواهم الدراسي، فبعد عملية الانتقاء يقضون فترة تدريبية تتراوح مابين شهرين إلى ثلاثة أشهر على يد أحد المشرفين، أما من كانوا يعملون سابقا في سلك الشرطة والجنود فهم لا يحتاجون لتدريب".

مهنة حارس الأمن الخاص لا تستقيم في دول أخرى إلا بوجود كلاب مدربة وحمل السلاح لتأمين المكان المراقَب. بالمغرب، الأمر يختلف فالقانون يحظر حمل السلاح حيث يقتصر تدخل الحارس على الاحتفاظ بمن يشتبه في ارتكابه لجريمة ما، لحين إبلاغ الشرطة أو أخذه لأقرب مركز لها حسب المادة 76 من القانون الجنائي.

عملية تكوين حارس الأمن غالبا ما تتجلى في كيفية التعامل مع مهنيي المؤسسة المستقبلة والوافدين عليها، علاوة على التعامل مع الأوضاع الطارئة كاندلاع حريق مفاجئ على سبيل المثال، يقول عبد الله ساخرا " احنا محروقين وبغاونا نطفيوا الحريق".